تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

أ. د. محمد فجال

Professor

تخصص لغة ونحو

السنة الأولى المشتركة
السنة الأولى المشتركة
مدونة

شهر رمضان مدرسة الأخلاق

شهر رمضان مدرسة الأخلاق

بقلم أ. د. محمد بن محمود فجال

يتعجبُ المرء من تصرفات بعض الناس في هذا الشهر الكريم، من إصرار على فعل المخالفات، من غير شعور برادع، ولا وازع ديني.
تأملتُ قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وأغلقت أبواب النار» أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، كنتُ أظنُّ أن الخير سينتشر، وأنَّ أخلاق الناس ستكون مثل أخلاق صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن يا للأسف خاب ظني من كثرة ما رأيت وما أرى من أفعالٍ مشينةٍ، وأخلاقٍ منحطَّة.
إن كانت هذه الأفعال ليست من إغواء الشياطين، فإنها من تلك النفس الأمّارة بالسوء.
كم تتألَّم النفس، ويتقطَّعُ القلبُ على شباب ضائع غصَّتْ بهم الطرقات والأسواق.
أوقاتٌ ضائعةٌ، وشبابٌ مُهدر، وعقول لا تتقبَّل.
يصومون عن الطعام، ويغفلون عن كثير من المفطرات، والله - عز وجل - ليس بحاجة لأن يدع هؤلاء طعامَهم وشرابَهم.
إنَّ الصيام الحقيقي يكون بصيام البطن عن الطعام، وصيام الجوارح عن الآثام، فتصوم العين عن رؤية الحرام، ويصوم اللسان عن ذكر الحرام، وتصوم الأذن عن سماع الحرام؛ فما كان محرّمًا في غير رمضان فهو في شهر رمضان آكدُ حرمانيةً، وهذه المعاصي تفسدُ أجر الفريضة.
أسأل الله لهم الهداية والرشاد.
إنَّ شهرَ رمضانَ بابٌ لسعادة الدارين، وفرصة من الله - عز وجل - للعودة إليه، وهجر المعاصي والآثام.
شهرٌ فيه خيرٌ كثيرٌ، وأجرٌ عظيمٌ، ونفحاتٌ إلهيةٌ..
الصائم له فرحتان.. وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريحِ المسكِ.. وفيه ليلة خير من ألف شهر من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له.. وأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. والأجر فيه مضاعف.. وتفتحُ فيه أبواب الجنة، ويُزَيِّنُ الله في كلِّ يومٍ جنَّتَهُ ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يُلْقوا عنهُمُ المؤونةَ والأذى ثمَّ يصيروا إليكِ..وتستغفرُ الملائكةُ للصائمينَ حتى يفطروا.. ولله في كل ليلة فيه عتقاء من النار..
ذلك كله من عند الكريم الوهّاب، غافر الذنب وقابل التوب..
ألا يستحقُّ مِنَّا الشكر! فأيُّ تعيسٍ يرفض ذلك!
نعوذ بالله من الكفران..
إنَّ الإنسان إذا أرخى الحبل لشهواته وغرائزه، سيطرت عليه، وتمادتْ في إسرافها وطغيانها، وأبعدته عن ربه ودينه، وإذا هذَّبَ الإنسانُ نفسَه أشرقت فيها أنوار الإيمان، وحُبّ الطاعات، والعمل الصالح الرشيد.
وكما قال الشاعر:
والنفس كالطفل إن تهمله شبَّ على      حُبِّ الرَّضاع، وإن تفطمه ينفطمِ
فمن قاد نفسَهُ فاز ونجا، ومن قادته نفسُه خابَ وخَسِر.