الإفصاح الأمثل

الإفصاح الأمثل
يمثل الإفصاح في علم المحاسبة أحد الأعمدة المكونة للعملية المحاسبية، حيث تشمل عمود القياس والعرض والإفصاح. ولقد اجتهد علماء المحاسبة لسنوات طويلة لتحديد معنى الإفصاح الأمثل، فمن قائل إنه يشمل الإفصاح عن تفاصيل كامل البيانات التي تؤثر على متخذ القرار الاقتصادي مهما كان مستوى أهميتها النسبية، إلى قائل إن تفاصيل البيانات تؤثر سلبا على متخذ القرار لأن الزيادة كالنقصان؛ ومن قائل يجب أن يكون الإفصاح عادلا، وأن يترك للمجتمع المدني "المهنيين" تحديد مستوى العدالة؛ ولم تصل نظريات الإفصاح المحاسبي حتى يومنا هذا إلى تحديد ماذا يقصد بمستوى الإفصاح المحاسبي الأمثل. ولقد لاحظت أن بعض زملائي وبعض المحللين الماليين يكثرون من مطالبتهم بالإفصاح، كدواء لمعالجة مشكلة تذبذب سوق المال لدينا، ولا شك أن هذا يمثل مطلبا وركيزة أساسية لنجاح أي سوق مالي كفؤ. ومع ذلك يجب أن ندرك أن هناك علاقة مباشرة بين مستوى الإفصاح وبين المجتمع نفسه؛ فإذا كان مستوى الإفصاح والشفافية داخل الأسرة نفسها ضعيف، فكيف نطالب أن نرقى بمستوى الإفصاح في السوق المالي إلى درجة عالية، ونحن كأفراد مجتمع جزءا مكونا لذلك السوق. إضافة إلى رسوخ عادات وتقاليد وأعراف ومعتقدات ترسخ أحيانا فكرة الكتمان وليس الإفصاح أنجع وسيلة لنجاح العمليات المالية. تطور مستوى الإفصاح في السوق المالي مرتبط أساسا بتطور الإفصاح في المجتمع ككل؛ والقول بغير ذلك يعني إصدار أنظمة مثالية مصيرها الفشل والله أعلم.